الساعةَ آتيةٌ لا ريب فيها :
لا تغتر؛ الساعةَ آتيةٌ لا ريب فيها، لا بد أن يعلم هذه الحقيقة الظالم والمظلوم معاً ، فليعلم الظالم أنه سيعرض على الله جل وعلا للقصاص، وليهنأ المظلوم الذى عجز ولم يستطع أن يسترد مظلمته فى الدنيا بأنه سيقف إلى جوار ظالمه فعند الله تجتمع الخصوم ليوفيه الله جل وعلا حقه كاملاً غير منقوص .
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا ** فالظلمُ ترجع عقباهُ إلى الندمِ
تنامُ عيناك والمظلومُ منتبهٌ ** يدعو عليكَ وعينُ الله لم تنمِ
وسأقف عند القصاص وقفة طويلة أسأل الله أن يسترنى وإياكم فى الدنيا والآخرة .
الساعةَ آتيةٌ لا ريب فيها ولا شك ، قال الله جل وعلا: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{6} وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا ).. لا شك فيها، (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ) يظل الإنسان فى قبره إلى أن يسمع النداء . قال الله جل وعلا : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ{41} يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ{42}) اللهم سلم سلم .
يظل الإنسان فى قبره إلى أن يأمر الله جل وعلا إسرافيل بالنفخ فى الصور نفخةَ البعث فينفخ، فتتزلزل الأرض لتتخلص من حملها الثقيل، لتلفظ مافى بطنها وجوفها من بنى البشر من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة .
( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا *وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ ) المذعور المفزوع (مَا لَهَا) ما الذى غير سكونها واستقرارها، كانت ثابتة مستقرة هادئة .. ماهذا ؟؟
يرى رعباً، سأتحدث عنه بالتفصيل . (مَا لَهَا *يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ *فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) . منظر مهيب يخلع القلوب ورب الكعبة وسنقف عنده بالتفصيل إن شاء الله تعالى وأنا أتحدث عن البعث بعد الموت، عن الخروج من القبور للوقوف بين يدى العزيز الغفور جل جلاله .
الساعةَ آتية وقريبة . قريبة! .. نعم، إن كنت تراها بمقاييسك البشرية أنها لازالت بعيدة، فإن الله جل وعلا يخبرنا بأنها قريبة قال سبحانه: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً) يرون يوم الساعة بعيداً .. إسمع ماذا قال ربك: ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً{6} وَنَرَاهُ قَرِيباً{7} ) ، قال الله عز وجل : ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ )، وتدبر قول الله عز وجل : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ) كلمات فى غاية الوضوح .. ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ) وسأقف عند انشقاق القمر إن شاء الله تعالى كعلامة من العلامات .. ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ )، وقال جل وعلا وهو يخبر عن القيامة بصيغة الماضى : ( أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ) .. ( أَتَى ) .. ( أَتَى أَمْرُ اللّهِ ) بصيغة الماضى، والماضى والمضارع عند ربنا سبحانه وتعالى سواء، ( أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ )، بل وتدبر معى .. وتدبرى ياأختاه قول ربنا جل فى علاه : ( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ) .. يسألون من ؟؟
المصطفى –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباًً ) يالله .. (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً )، قال جل وعلا : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا{42} فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا{43} إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا{44} إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا{45} كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا{46}) يعنى يستشعر أهل الأرض كأنهم مالبثوا فى الأرض غير ساعة ( إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) فمهما طال الزمن فالساعة آتية وقيامتك بموتك وقيامتى بموتى .. نعم .. مهما طالت الحياة ومهما طال الليل فلابد من طلوع الفجر، ومهما طال العمر فلابد من دخول القبر، ومهما طال المكث فى القبر فلابد من الخروج للوقوف بين يدى الحق تبارك وتعالى .
إذن؛ إن نظرت للساعة بمقاييسك البشرية على أنها لازالت بعيدة فربنا جل وعلا يخبرنا سبحانه بأنها قريبة ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .. ياالله، مش ممكن والله العظيم لن تجد فى قواميس اللغة تعبيراً عن قرب الساعة بهذه الكلمات القليلة الحاسمة ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ ) خلاص ( كَلَمْحِ الْبَصَرِ) تغمض وتفتح .. انتهت .. انتهى كل شىء ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )، لكن اعلم أخى الحبيب وأنتى أيتها الفاضلة وهذا هو الأصل الثانى بين يدى الحديث عن أشراط وعلامات الساعة، أقول :
علم قيام الساعة لم يطلع الله جل وعلا عليه ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً ولو كان المصطفى –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- .
علم قيام الساعة غيب لا يعلمه إلا الله .. هذا هو الأصل الثانى المهم :
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا{42} فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا{43} إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا)(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً )
( يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ )( ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً ) أنظر إلى هذه الكلمات، وقال ربنا تبارك وتعالى : ( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ) ونبينا –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول كما فى صحيح البخارى من حديث بن عمر : (( مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله وقرأ النبى قول الله جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) .
بل من أجمل ما قرأت فى هذا الباب أيها الأحبة ما رواه الإمام أحمد فى مسنده بسند صححه العلامة أحمد شاكر –رحمه الله تعالى- من حديث عبد الله بن مسعود –رضى الله عنه- أن النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- قال : (( لقيت ليلة أُسرى بى إبراهيم وموسى وعيسى –صلوات الله عليهم أجمعين- خلى بالك .. يقول –عليه الصلاة والسلام- : (( فتذاكروا أمر الساعة )) .. ياالله مشغولين بالساعة .. الخليل والكليم وروح رب العالمين وسيد البشر أجمعين إمامهم وسيدهم المصطفى (( فتذاكروا أمر الساعة )) .. خلى بالك من الأدب، قال الحبيب –صلى الله عليه وسلم- : (( فردوا أمرهم إلى إبراهيم )).. الخليل ..(( فقال إبراهيم : لا علم لى بها )).. ياالله .. لا علم لى بها .. الخليل أنظروا إلى الأدب مع الله سبحانه .. لا علم لى بها .. (( فردوا أمرهم إلى موسى الكليم فقال موسى : لا علم لى بها، فردوا أمرهم إلى عيسى فقال عيسى : أما وجبتها لا يعلمها أحد إلا الله )) .. الوقت الذى ستقوم فيه لا يعلمه أحد إلا الله .. (( أما وجبتها لا يعلمها أحد إلا الله وفيما عهد إلى ربى )) انظر إلى كلام عيسى –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- (( وفيما عهد إلى ربى أن الدجال خارج فإذا رآنى ذاب كما يذوب الرصاص )) سأتكلم إن شاء الله جل وعلا بالتفصيل عن نزول عيسى بن مريم –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- وسأتكلم عن خروج الدجال .. (( فإذا رآنى )) .. أى إذا رأى الدجال عيسى بن مريم –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- ذاب الدجال كما يذوب الرصاص .
وفى رواية سأذكرها بعد ذلك بالتفصيل إن شاء الله جل وعلا ..(( ذاب كما يذوب الملح فى الماء )) ..
إذاً وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله، علمها عند ربى تبارك وتعالى؛ بل ثبت فى صحيح مسلم كما ذكرت فى مقدمة هذه السلسلة (( أن جبريل سأل النبى الجليل متى الساعة ؟؟
فقال المصطفى –صلى الله عليه وسلم- : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرنى عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان )).. وسأقف على هذه العلامات أيضاً إن شاء الله تعالى بالتفصيل .
إذاً وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله؛ لكن، وخلى بال حضرتك من ما بعد لكن، لكن الله الذى أخفى وقت قيام الساعة عن كل خلقه فقد أطلع سبحانه وتعالى نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى عن أمارات وأشراط وعلامات الساعة .
مفيش تعارض .. وقت قيام الساعة عند ربى، لكن فيه أمارات ( فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا )، هذه الأشراط أخبر بها ربنا نبينا –صلى الله عليه وسلم- أطلع الله جل وعلا نبينا على أمارات الساعة وعلاماتها وأشراطها، ورسولنا لا ينطق عن الهوى .
فالقرءان وحى والسنة وحى ، القرءان وحى والسنة وحى أيها الأفاضل ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى{1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى{2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5})، وفى الحديث الذى رواه أبو داود والترمذى من حديث المقدام بن معديكرب أنه –صلى الله عليه وآله وسلم- قال : (( ألا إنى آوتيت الكتاب ومثله معه )) ومثله معه يعنى السنة .. ألا إنى آوتيت الكتاب ومثله معه.. يعنى السنة، فالسنة وحى، والله تعالى يقول : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) والحكمة هى السنة، وقال الله عز وجل لنساء النبى : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ) والحكمة هى السنة .
إذاً أيها الأفاضل، الله جل وعلا أطلع النبى على أمارات الساعة وأخبر النبى أصحابه عن علاماتها، حفظ من حفظ ونسى من نسى، ففى الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان –رضى الله عنه- قال : (( لقد خطبنا النبى –صلى الله عليه وسلم- خطبة ماترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره علمه من علمه وجهله من جهله )) .. ياالله .. ياالله .. لقد خطبنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خطبة ماترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره علمه من علمه وجهله من جهله ، وتذكرون الرواية الجميلة التى رواها مسلم من حديث أبى زيد عمرو بن أخطب الأنصارى –رضى الله عنه- قال : (( صلى بنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الفجر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر )) أطول خطبة قام النبى يوماً كاملاً يتكلم يُبين عن الله تبارك وتعالى.. قال: (( ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا )) فأعلمنا أحفظنا .. الكلام واضح .. وهذا لا يتنافى مع قول ربنا تبارك وتعالى: ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) فوقت القيام لا يعلمه إلا الرحيم الرحمن، أما الأمارات والعلامات وما يحدث بين يدى الساعة من أحداث فقد أطلع الله نبينا على كل ذلك، قال جل وعلا: ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً{26} إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) صلى الله وسلم وبارك على رسولنا .. إلا من ارتضى من رسول .
طيب .. ما هذه الأمارات والعلامات والأشراط ؟؟
العلامات أيها الأفاضل تنقسم إلى قسمين أو الأمارات أو الأشراط أو العلامات قسمان :
_ علامات صغرى و _ علامات كبرى .
أما العلامات الكبرى فقد ذكر النبى –صلى الله عليه وسلم- عشر علامات .. ذكر النبى فى العلامات الكبرى عشر علامات، فى صحيح مسلم من حديث حذيفة بن أسيد الغفارى –رضى الله عنه- قال: (( إطلع النبى –صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر )) يعنى ونحن نتناقش ونتحدث (( فقال –عليه الصلاة والسلام- : ما تذاكرون ؟؟ )) فى أى شىء تتكلمون وتتناقشون (( قالوا: نذكر الساعة يارسول الله أو نتذاكرالساعة يارسول الله فقال –صلى الله عليه وسلم-: إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات، فذكر الدخان )) عد معايا كده (( فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن أو من قعر عدن تطرد الناس إلى محشرهم ))، هذه هى العلامات الكبرى وسأقف معها بالتفصيل لكن؛ نتعالوا قبل أن نتحدث عن العلامات الكبرى لنتحدث عن العلامات الصغرى .
ومن العلامات الصغرى أيها الأحبة ما قد يظهر مع العلامات الكبرى فى آن، ومن العلامات الصغرى ما قد يظهر بعد العلامات الكبرى .
هذا التأصيل فى غاية الأهمية لأن الأمر قد التبس على بعض أحبابنا وأخواننا من أهل العلم .. أقول: من العلامات الصغرى ما قد يظهر مصاحباً لبعض العلامات الكبرى، فظهور المهدى .. وسأتحدث عنه بالتفصيل وسأذكر الأدلة الدامغة .. لأن البعض قد أنكر أيضاً المهدى، خروج المهدى وظهوره يكون فى زمن عيسى بن مريم فعيسى بن مريم سينزل من السماء وقد وصف النبى الثوب الذى يلبسه حين ينزل ووصف النبى كيفية نزوله بدقة بالغة وهذا فى حينه إن شاء الله . ينزل عيسى بن مريم ليصلى مأموماً خلف إمام المسلمين المهدى وإذا وُجد عيسى بن مريم فالدجال موجود، بل سينطلق عيسى مع المهدى لقتل الدجال كما سأبين بالتفصيل إن شاء الكبير المتعال .
فمن العلامات الصغرى ماقد يظهر مع بعض العلامات الكبرى ومن العلامات الصغرى ماقد يظهر بعد العلامات الكبرى التى ذكرتها الآن آنفاً فى حديث حذيفة بن أسيد الغفارى .. يعنى فيه علامات صغرى هتظهر بعد إنتهاء العلامات الكبرى؟؟
نعم ..
زى إيه؟؟
كالريح ..
إيه الريح دى؟؟
مانا هقولك بالتفصيل إن شاء الله . لكن، الريح الباردة الطيبة التى تقبض أرواح المؤمنين على وجه الأرض حتى لا يبقى فى الأرض من يقول الله.. الله.. الله ولا يبقى فى الأرض إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة وفى هذا الزمن تُهدم الكعبة.. ياربى.. ماذا تقول يارجل؟!
أقول: تُهدم الكعبة..
ستُهدم الكعبة؟!
نعم،
لكن فى هذا الزمان فى هذا الزمن الذى تقوم فيه الساعة على شرار الخلق، يهدم الكعبة حجراً حجراً رجلاً وصفه رسول الله وصفاً دقيقاً ..
طب قولنا !،
لا مش دلوقتى، ده فى الآخر هقول، مش دلوقتى،
وحديث هدم الكعبة رواه البخارى ومسلم، رواه البخارى فى كتاب الحج بل وترجم له الإمام البخارى باباً بعنوان باب هدم الكعبة، ورواه الإمام مسلم فى كتاب الفتن وأشراط الساعة..
طب قولنا أى حاجة دلوقتى !!،
لا معلش مش دلوقتى، مش هنتكلم عن هدم الكعبة دلوقتى ..
أسأل الله عز وجل ألا يحرم المسلمين والموحدين منها إنه ولى ذلك والقادر عليه، لأن أرواح المؤمنين ستُقبض بإذن الله تعالى جميعاً قبل هدم الكعبة زادها الله تشريفاً وتكريماً .
فمن العلامات ماقد يظهر مصاحباً لبعض العلامات الكبرى ومن العلامات ماقد يظهر بعد العلامات الكبرى حتى لا يحدث أى لبس عند بعض أحبابنا وإخواننا .
فلنشرع فى العلامات الصغرى :
وأول علامة من علامات الساعة الصغرى :
بعثة النبى –صلى الله عليه وسلم- أول ماظهر النبى –عليه الصلاة والسلام- فهذه أول علامة من علامات الساعة.. ليه؟؟ لأنه –صلى الله عليه وآله وسلم- قال كما فى الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدى ومن حديث أنس بن مالك واللفظ الذى أذكره الآن هو لفظ الإمام مسلم من حديث أنس، قال –صلى الله عليه وسلم- : (( بُعثت أنا والساعة كهاتين وضم النبى السبابة والوسطى )) بُعثت أنا والساعة كهاتين وضم النبى –صلى الله عليه وسلم- السبابة والوسطى.. ليه؟؟
لأن مفيش بينهما أصبع ثالث أو لأن السبابة تلى الوسطى أو لأن الوسطى تلى السبابة بلا تفرقة، كذلك النبى –صلى الله عليه وسلم- والساعة مع بعضهما البعض بُعث فى نسم الساعة، ليس بعده نبى، فمجرد ظهور النبى –عليه الصلاة والسلام- علامة على قرب الساعة، ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً{6} وَنَرَاهُ قَرِيباً{7})، وأعمار الأمم تختلف عن أعمار الأفراد حتى لا يلتبس الأمر عليك، أعمار الأمم تختلف عن أعمار الأفراد، فمبعث النبى –عليه الصلاة والسلام- أول علامات القيامة أول علامات الساعة لأنه ليس بعد الرسول –صلى الله عليه وسلم- نبى فهو خاتم الأنبياء وبعده مباشرةً تأتى القيامة، قال الله عز وجل: ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما ً) فهو بلا شك خاتم الأنبياء لا نبى بعده ولا رسول بعده بل تأتى بعده مباشرةً الساعة والقيامة، قال –عليه الصلاة والسلام- كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة –رضى الله عنه- : (( فُضلت على الأنبياء بست، أُوتيت جوامع الكلم ونُصرت بالرعب )) وفى لفظ البخارى (( نُصرت بالرعب مسيرة شهر ))(( أُحلت لى الغنائم وجعلت لى الأرض طهوراً ومسجداً وأُرسلت إلى الخلق كافة )) والشاهد من الحديث (( وخُتم بى النبيين )) فمهما أدعى المُدعون والكذابون فلا نبى بعد المصطفى ولا رسول بعد المصطفى، وخُتم بى النبيون، فرسول الله –صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء وخاتم المرسلين ومجرد بعثته ومجرد ظهوره أول علامة من علامات الساعة كما قال –عليه الصلاة والسلام- (( بُعثت أنا والساعة كهاتين وضم السبابة والوسطى )) .
العلامة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة فى حديثٍ واحد رواه الإمام البخارى وغيره من حديث عوف بن مالك وقد ذكرته كنموذجٍ من نماذج علامات الساعة فى حلقة المقدمة، الحديث رواه البخارى من حديث عوف بن مالك أن الحبيب النبى –صلى الله عليه وسلم- قال: (( أُعدد ستاً بين يدى الساعة )) عد معايا (( أُعدد ستاً بين يدى الساعة، موتى )) أى موت النبى –صلى الله عليه وسلم- (( موتى ثم قتح بيت المقدس ثم مُوتان يأخذ فيكم كقُعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً ثم تكون فتنة لا تترك بيتاً فى العرب إلا دخلته ثم تكون هدنة بينكم وبين بنى الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غايةٍ إثنى عشر ألفاً ))، قف مع العلامات التى وقعت من هذا الحديث، موته –صلى الله عليه وسلم- مات الحبيب وكان موته من أعظم المصائب التى وقعت بالأمة حتى قال أنس –رضوان الله عليه- والحديث فى سنن الترمذى بسندٍ صحيح: لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة أضاء منها كل شىء فلما كان اليوم الذى مات فيه رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- أظلم منها كل شىء .. رضى الله عن أنس، عن هذا الحبيب المحب.. ولما لا، وبموته –عليه الصلاة والسلام- انقطع الوحى من السماء ويالها من كرامة لا يستوعبها كثيرٌ من الخلق، ففى صحيح مسلم، لما مات النبى –عليه الصلاة والسلام- انطلق أبو بكرٍ الصديق وعمر بن الخطاب –رضى الله عنهما- ليزورا أم أيمن حاضنة رسول الله –عليه الصلاة والسلام- فدخلا عليها فوجداها تبكى فقالا لها: يا أم أيمن ماعند الله خيرٌ لرسوله، .إن ما عند الله خيرٌ لرسوله أو ماعند الله خيرٌ لرسوله أى مما أعطاه فى الدنيا، لا تبكى فقالت أم أيمن: أعلم أن ما عند الله خيرٌ لرسوله ولكننى أبكى لأن الوحى قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها لأن الوحى قد انقطع من السماء، صحيح رسول الله –صلى الله عليه وسلم- معنا، معنا بسنته، معنا بشريعته، معنا بهديه، معنا بأخلاقه، بل يحيى فى قبره الآن حياة برزخية لا يعلم حقيقتها ملكٌ مقرب ولا نبى مرسل، ففى الحديث الذى رواه أبو داود والترمذى بسندٍ حسن من حديث أوس بن أوس أنه –صلى الله عليه وسلم- قال: (( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا من الصلاة على فيه فإن صلاتكم معروضة على، قالوا: كيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أرمت )) أى وقد أكلت الأرض جسدك يارسول الله (( قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء )) فما ظنكم بجسد أطهر الأنبياء وسيد الأنبياء وإمام الأتقياء الأصفياء حبيب رب الأرض والسماء –صلى الله عليه وآله وسلم- .
نعم أيها الأحبة، موت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من أعظم المصائب التى وقعت بهذه الأمة بل أنا أدين الله بأنها أعظم مصيبة، بأن موته أعظم مصيبة وقعت بالأمة بأبى هو وأمى وروحى، لكن شاء ربنا وقدر ألا يُخلد أحد فى الأرض ولو كان المصطفى ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )، وقال ربنا جل وتعالى: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) ..
فموت رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- علامة من علامات الساعة ..أُعدد ستاً بين يدى الساعة وذكر –عليه الصلاة والسلام- موته بأبى هو وامى وروحى . ثم فتح بيت المقدس وقد فُتح بيت المقدس بعد موت رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بسنوات قليلة فقد توفى النبى –عليه الصلاة والسلام- فى العام الحادى عشر للهجرة وفتح الله بيت المقدس فى عهد عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- على يد أبى عبيدة بن الجراح –رضى الله عنه- فى العام السادس عشر للهجرة، فُتح بيت المقدس وقعت أيضاً هذه العلامة. وعاد أو وجاء عمر بن الخطاب من المدينة النبوية المطهرة إلى فلسطين ليتسلم بيده مفاتيح بيت المقدس وأعطى أهلها أماناً على أنفسهم وأموالهم بل وكنائسهم –رضى الله عنه وأرضاه- .
ثم مُوتان، مُوتان بضم الميم، وباء طاعون وهو طاعون عمواس، وعمواس مدينة فى فلسطين على بعد ستة أميال تقريباً من الطريق إلى بيت المقدس من مكان يقال له الرملة، عمواس طاعون انتشر وقُتل فيه خمسة وعشرون ألفاً من المسلمين وعلى رأسهم أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل -رضى الله عنهما وعن جميع أصحاب رسول الله-
(( ثم مُوتان طاعون يأخذ فيكم كقُعاص الغنم )) أى ينتشر فيكم كما ينتشر الوباء فى الماشية أو فى الأغنام وقد قُتل فيه خلقٌ كثيرٌ كما ذكرت ووقعت هذه العلامة أيضاً كما قال علمائنا .
ثم استفاضة المال، يكثر المال، فى لفظ البخارى (( لا تقوم الساعة حتى بكثر المال )) وفى رواية مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى (( ليأتين على الناس زمان يخرج فيه الرجل بصدقة من ذهب فلا يجد من يقبلها منه )) وفى صحيح البخارى من حديث عدى بن حاتم –رضى الله عنه- (( قال بينما أنا عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل يشكو إليه الفاقة )) الفاقة يعنى الفقر (( وجاءه آحر يشكو إليه قطع الطريق فقال النبى –عليه الصلاة والسلام- لعدى بن حاتم –رضى الله عنه- : يا عدى هل رأيت الحيرة؟؟ هل رأيت الحيرة؟؟ قلت: لا يارسول الله، ولكنى أُنبئت عنها فقال –عليه الصلاة والسلام- : لإن طالت بك )) يا عدى (( لإن طالت بك حياة لترين الظعينة )) والظعينة هى المرأة التى تركب فى هودجها (( لترين الظعينة تخرج من الحيرة لتطوف بالبيت لا تخاف أحداً إلا الله، يقول عدى فقلت فى نفسى: فأين دعار طىء الذين سعروا البلاد )) أى أين قطاع الطرق الذين سعروا البلاد وقطعوا على الناس سُبُلهم (( يقول عدى: وقال لى رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولئن طالت بك حياة لتتتفتحن كنوز كسرى، قلت: كسرى بن هرمز!!، قال الصادق: كسرى بن هرمز، يقول عدى: والله لقد رأيت الظعينة ترتحل من الحيرة لتطوف بالبيت لا تخاف أحداً إلا الله وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز )) ياالله .. وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز (( قال ولئن طالت بكم حياة لترون ماقال الصادق أبو القاسم –صلى الله عليه وسلم- ليخرجن الرجل بملء كفه من ذهب أو فضة لا يجد احداً يقبله منه )) هل وقع هذا؟؟
نعم..
فى أى عصر؟؟
فى أى زمن؟؟
فى زمن عمر بن عبد العزيز كما يقول كثير من المحققين من أهل العلم حتى كان الرجل فى عهد عمر يخرج بالصدقة فلا يجد أحداً يقبل الصدقة منه لأن الله جل وعلا قد أغناهم من فضله ورزقهم إماما عادلاً أرسل مناديه لينادى فى البلدان والأمصار من كان عليه دين فسداد دينه من بيت مال المسلمين فسدد عمر بن عبد العزيز ديون المدينين، من أراد الزواج ولم يجد النفقة فزواجه من بيت مال المسلمين فزوج الشباب، من أرد الحج ولم يجد النفقة فنفقة حجه من بيت مال المسلمين . فكان الرجل يخرج بالصدقة يبحث عن فقير فلا يجد، أغناهم الله من فضله بالبركة التى بركت فى بيت مال المسلمين بفضله جل وعلا ثم بفضل عدل هذا الإمام التقى الأمين من طراز عمر فهذا الشبل من ذاك الأسد.. أستغفر الله.. بل هذا الأسد من ذاك الأسد، وقال أيضاً بعض أهل العلم وسيقع هذا فى أخر الزمان فى زمن عيسى –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- حين تنزل البركة مرة آخرى إلى الأرض.. لأن البركة الآن قد نُزعت من الأوقات كما سنرى، من الأطعمة، من الأشربة، من الأعمار، من الصحة والعافية، من الثمار نُزعت البركة وستعود البركة إلى الأرض مرة آخرى بإذن الله جل وعلا وهذا فى عهد عيسى بن مريم كما سأبين بالتفصيل إن شاء الله . حتى يخرج الرجل فى هذا الزمن بالصدقة فلا يجد أحداً يقبل منه الصدقة لعلم الناس بقرب قيام الساعة ولعلمهم بأنهم ليسوا فى حاجة إلى مثل هذا المال.
أيضاً قال –عليه الصلاة والسلام- (( ثم تكون فتنة لا تترك بيتاً فى العرب إلا دخلته )) الله أعلم بمراد رسوله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يهذه الفتنة وما أكثر الفتن.. وما أكثر الفتن، لكن ليس من العقل ولا من الإنصاف أن يجزم عاقل فضلٌ عن رجل يتكلم بالدليل من كتاب الله ومن سنة رسول الله بأن هذه الفتنة هى كذا، هى وسائل الإعلام مثلاً بصورها المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة.. أقول: لا يستطيع عاقل أن يجزم بهذا أو أن يُسقط حديث رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- على شىء بعينه وإنما الله أعلم بمراد نبيه –عليه الصلاة والسلام- .
لكن، خذوا العلامة السادسة فى هذا الحديث (( قال: ثم تكون هدنة بينكم وبين بنى الأصفر )) وبنو الأصفر كما ذكرت هم الروم والروم بلغة العصر الذى نحياه هم أهل اوروبا وأمريكا، (( قال ثم تكون بينكم وبين بنى الأصفر هدنة فيغدرون )) فيغدر بنو الأصفر أو فيغدر الروم (( فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية )) والغاية هى الراية التى تُرفع للجيش وسُميت الراية بالغاية لأن الراية غاية الجيش فإن سقطت الراية سقطت الغاية (( فيأتونكم تحت ثمانين غاية )) أى تحت ثمانين راية (( تحت كل غاية إثنى عشر ألفاً )) وقد ذكرت رواية آخرى رواها أبو داود وبن ماجة وبن حبان بسندٍ صحيح وغيرهم أن النبى –صلى الله عليه وسلم- قال: (( ستُصالحون الروم صلحاً آمنا )) وأظن أننا الآن نشهد مرحلة الهدنة، يعنى وقع شطر من هذه العلامة.. أتصور أننا نرى هدنة بين أوروبا وأمريكا وبين جل دول وبلاد المسلمين (( ثم تكون هدنة بينكم وبين بنى الأصفر ))، أما فى الرواية الآخرى (( ستُصالحون الروم صلحاً آمناً ثم تغزون انتم وهم عدواً من وراءهم فتَسلمون وتغنمون ثم تنزلون بمرج ذى تلول )) أى بمكان تكثر فيه المياه ويكثر فيه الخضرة (( ثم تنزلون بمرج ذى تلول فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول إنتصر الصليب فيقوم إليه رجلٌ من المسلمين فيقتله )) يقول –صلى الله عليه وسلم-: (( فعندئذٍ تكون الملاحم فيغدر الروم فيأتكونكم تحت ثمانين غاية مع كل غاية إثنى عشر ألفاً )) هذا حديث واحد من أحاديث رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- تكلم فيه عن ست علامات من العلامات التى ستقع بين يدى الساعة .
أما العلامة الثامنة، تحدثت عن مبعثه الشريف ثم تحدثت عن هذه العلامات، أما العلامة الثامنة فهى ظهور الفتن.. أسأل الله عز وجل أن يعصمنى وإياكم من الفتن.
ظهور الفتن والفتن جمع فتنة والفتنة هى الإبتلاء والإختبار والإمتحان، قال الله عز وجل: ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) وقال الله عز وجل : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ).. إنما أموالكم وأولادكم فتنة.. فالفتنة هنا بمعنى الإبتلاء، بمعنى الإختبار، بمعنى الإمتحان، فظهور الفتن وكثرة الفتن من علامات الساعة وأظن أننا نرى الآن فتناً.. أسأل الله جل وعلا أن ينجينا وإياكم منها بمنه ورحمته وكرمه إنه ولى ذلك والقادر عليه . وصف النبى –عليه الصلاة والسلام- هذه الفتن وصفاً دقيقاً.. تدبر معى لتقف مع هذه الكلمات النبوية، ففى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة –رضى الله عنه- أن النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- قال: (( بادروا بالأعمال فتنا )) بادروا سابقوا بالإعمال الصالحة الفتن قبل أن تقع بأحدكم (( بادروا بالأعمال فتناً )) اسمع الوصف النبوى (( كقطع الليل المظلم )) كقطع الليل المظلم.. إنت متصور الوصف للفتنة (( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمناً ويُمسى كافراً ويُمسى مؤمناً ويُصبح كافراً )) ليه؟؟
لماذا؟؟
يكفر فى يوم واحد أو فى ليلة واحدة .. ليه ؟؟
قال –عليه الصلاة والسلام- (( يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا )) يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا .. لأ لأ .. تانى الرواية .. تانى .. تانى ده واقع أليم.. واقع مر (( بادروا )) سابقوا بأعمالكم الصالحة الفتن قبل أن تحل بكم وقبل أن تنزل وتقع (( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمناً )) معاك فى صلاة الفجر.. فى بيت من بيوت الله تبارك وتعالى تبحث عنه فى صلاة المغرب أو فى صلاة العشاء غير موجود، طب اليوم التانى غير موجود، اللى بعده غير موجود ..أين ذهب ؟؟ كفر.. كفر!!.. إرتد، خرج عن الدين.. ليه؟؟
باع الدين..
بماذا؟؟..
بعرضٍ من الدنيا.. حقير.. ربما يدخل فى المساء (( يُمسى مؤمناً ويُصبح كافراً )) صلى معك العشاء.. إبحث عنه فى صلاة الفجر.. غير موجود، الظهر.. غير موجود، العصر .. غير موجود..بعدذلك .. أين ذهب؟؟ دخل إلى غرفة من غرف الشات أو غرف الدردشة أو جلس فى مجلس ولم يخرج منه.. ولم يخرج منه ولا حول ولا قوة إلا بالله . باع دينه .. سلم سلم يارب . باع دينه بعرضٍ من الدنيا، بكرسى زائل، بشهوة فانية، بلذة فانية، بمنصب حقيرٍ تافه.. مستعد أن يبيع الدين من أجل كرسى، من أجل منصب، من أجل مال، من أجل شهوة، من أجل شمة هيروين، يبيع دينه ولا حول ولا قوة إلا بالله ... من أجل شهوة فانية ولذة محرمة مع امرأة حسناء ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا يخرج من هذا المستنقع بعد ذلك ..
(( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمناً ويُمسى مؤمناً ويُصبح كافراً يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا )) بلعاعة، بشىء تافه حقير إلى زوال .. أظن ده واقع خطير وقع فيه كثير من الخلق على مستوى البشرية كلها، يبيع الدين بدنيا، بعرضٍ حقير من أعراض هذه الدنيا، قد يفرط فى صلاته، قد يفرط فى حجاب امرأته من أجل كرسى أو من أجل منصب، قد يأكل الربا والحرام ويأكل أموال الناس بالباطل من أجل شهوة رخيصة، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا.
وفى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر –رضى الله عنه- أن النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- قال:
ماذا قال؟؟
نتعرف على قوله الكريم فى الحلقة القادمة إن شاء الله رب العالمين .
أسأل الله جل وعلا بإسمه الأعظم الذى إن سُئل به أعطى والذى إن دُعى به أجاب أن ينجينى وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
منقول للفائدة
لا تغتر؛ الساعةَ آتيةٌ لا ريب فيها، لا بد أن يعلم هذه الحقيقة الظالم والمظلوم معاً ، فليعلم الظالم أنه سيعرض على الله جل وعلا للقصاص، وليهنأ المظلوم الذى عجز ولم يستطع أن يسترد مظلمته فى الدنيا بأنه سيقف إلى جوار ظالمه فعند الله تجتمع الخصوم ليوفيه الله جل وعلا حقه كاملاً غير منقوص .
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا ** فالظلمُ ترجع عقباهُ إلى الندمِ
تنامُ عيناك والمظلومُ منتبهٌ ** يدعو عليكَ وعينُ الله لم تنمِ
وسأقف عند القصاص وقفة طويلة أسأل الله أن يسترنى وإياكم فى الدنيا والآخرة .
الساعةَ آتيةٌ لا ريب فيها ولا شك ، قال الله جل وعلا: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{6} وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا ).. لا شك فيها، (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ) يظل الإنسان فى قبره إلى أن يسمع النداء . قال الله جل وعلا : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ{41} يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ{42}) اللهم سلم سلم .
يظل الإنسان فى قبره إلى أن يأمر الله جل وعلا إسرافيل بالنفخ فى الصور نفخةَ البعث فينفخ، فتتزلزل الأرض لتتخلص من حملها الثقيل، لتلفظ مافى بطنها وجوفها من بنى البشر من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة .
( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا *وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ ) المذعور المفزوع (مَا لَهَا) ما الذى غير سكونها واستقرارها، كانت ثابتة مستقرة هادئة .. ماهذا ؟؟
يرى رعباً، سأتحدث عنه بالتفصيل . (مَا لَهَا *يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ *فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) . منظر مهيب يخلع القلوب ورب الكعبة وسنقف عنده بالتفصيل إن شاء الله تعالى وأنا أتحدث عن البعث بعد الموت، عن الخروج من القبور للوقوف بين يدى العزيز الغفور جل جلاله .
الساعةَ آتية وقريبة . قريبة! .. نعم، إن كنت تراها بمقاييسك البشرية أنها لازالت بعيدة، فإن الله جل وعلا يخبرنا بأنها قريبة قال سبحانه: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً) يرون يوم الساعة بعيداً .. إسمع ماذا قال ربك: ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً{6} وَنَرَاهُ قَرِيباً{7} ) ، قال الله عز وجل : ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ )، وتدبر قول الله عز وجل : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ) كلمات فى غاية الوضوح .. ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ) وسأقف عند انشقاق القمر إن شاء الله تعالى كعلامة من العلامات .. ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ )، وقال جل وعلا وهو يخبر عن القيامة بصيغة الماضى : ( أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ) .. ( أَتَى ) .. ( أَتَى أَمْرُ اللّهِ ) بصيغة الماضى، والماضى والمضارع عند ربنا سبحانه وتعالى سواء، ( أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ )، بل وتدبر معى .. وتدبرى ياأختاه قول ربنا جل فى علاه : ( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ) .. يسألون من ؟؟
المصطفى –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباًً ) يالله .. (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً )، قال جل وعلا : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا{42} فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا{43} إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا{44} إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا{45} كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا{46}) يعنى يستشعر أهل الأرض كأنهم مالبثوا فى الأرض غير ساعة ( إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) فمهما طال الزمن فالساعة آتية وقيامتك بموتك وقيامتى بموتى .. نعم .. مهما طالت الحياة ومهما طال الليل فلابد من طلوع الفجر، ومهما طال العمر فلابد من دخول القبر، ومهما طال المكث فى القبر فلابد من الخروج للوقوف بين يدى الحق تبارك وتعالى .
إذن؛ إن نظرت للساعة بمقاييسك البشرية على أنها لازالت بعيدة فربنا جل وعلا يخبرنا سبحانه بأنها قريبة ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .. ياالله، مش ممكن والله العظيم لن تجد فى قواميس اللغة تعبيراً عن قرب الساعة بهذه الكلمات القليلة الحاسمة ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ ) خلاص ( كَلَمْحِ الْبَصَرِ) تغمض وتفتح .. انتهت .. انتهى كل شىء ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )، لكن اعلم أخى الحبيب وأنتى أيتها الفاضلة وهذا هو الأصل الثانى بين يدى الحديث عن أشراط وعلامات الساعة، أقول :
علم قيام الساعة لم يطلع الله جل وعلا عليه ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً ولو كان المصطفى –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- .
علم قيام الساعة غيب لا يعلمه إلا الله .. هذا هو الأصل الثانى المهم :
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا{42} فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا{43} إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا)(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً )
( يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ )( ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً ) أنظر إلى هذه الكلمات، وقال ربنا تبارك وتعالى : ( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ) ونبينا –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول كما فى صحيح البخارى من حديث بن عمر : (( مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله وقرأ النبى قول الله جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) .
بل من أجمل ما قرأت فى هذا الباب أيها الأحبة ما رواه الإمام أحمد فى مسنده بسند صححه العلامة أحمد شاكر –رحمه الله تعالى- من حديث عبد الله بن مسعود –رضى الله عنه- أن النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- قال : (( لقيت ليلة أُسرى بى إبراهيم وموسى وعيسى –صلوات الله عليهم أجمعين- خلى بالك .. يقول –عليه الصلاة والسلام- : (( فتذاكروا أمر الساعة )) .. ياالله مشغولين بالساعة .. الخليل والكليم وروح رب العالمين وسيد البشر أجمعين إمامهم وسيدهم المصطفى (( فتذاكروا أمر الساعة )) .. خلى بالك من الأدب، قال الحبيب –صلى الله عليه وسلم- : (( فردوا أمرهم إلى إبراهيم )).. الخليل ..(( فقال إبراهيم : لا علم لى بها )).. ياالله .. لا علم لى بها .. الخليل أنظروا إلى الأدب مع الله سبحانه .. لا علم لى بها .. (( فردوا أمرهم إلى موسى الكليم فقال موسى : لا علم لى بها، فردوا أمرهم إلى عيسى فقال عيسى : أما وجبتها لا يعلمها أحد إلا الله )) .. الوقت الذى ستقوم فيه لا يعلمه أحد إلا الله .. (( أما وجبتها لا يعلمها أحد إلا الله وفيما عهد إلى ربى )) انظر إلى كلام عيسى –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- (( وفيما عهد إلى ربى أن الدجال خارج فإذا رآنى ذاب كما يذوب الرصاص )) سأتكلم إن شاء الله جل وعلا بالتفصيل عن نزول عيسى بن مريم –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- وسأتكلم عن خروج الدجال .. (( فإذا رآنى )) .. أى إذا رأى الدجال عيسى بن مريم –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- ذاب الدجال كما يذوب الرصاص .
وفى رواية سأذكرها بعد ذلك بالتفصيل إن شاء الله جل وعلا ..(( ذاب كما يذوب الملح فى الماء )) ..
إذاً وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله، علمها عند ربى تبارك وتعالى؛ بل ثبت فى صحيح مسلم كما ذكرت فى مقدمة هذه السلسلة (( أن جبريل سأل النبى الجليل متى الساعة ؟؟
فقال المصطفى –صلى الله عليه وسلم- : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرنى عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان )).. وسأقف على هذه العلامات أيضاً إن شاء الله تعالى بالتفصيل .
إذاً وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله؛ لكن، وخلى بال حضرتك من ما بعد لكن، لكن الله الذى أخفى وقت قيام الساعة عن كل خلقه فقد أطلع سبحانه وتعالى نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى عن أمارات وأشراط وعلامات الساعة .
مفيش تعارض .. وقت قيام الساعة عند ربى، لكن فيه أمارات ( فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا )، هذه الأشراط أخبر بها ربنا نبينا –صلى الله عليه وسلم- أطلع الله جل وعلا نبينا على أمارات الساعة وعلاماتها وأشراطها، ورسولنا لا ينطق عن الهوى .
فالقرءان وحى والسنة وحى ، القرءان وحى والسنة وحى أيها الأفاضل ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى{1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى{2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5})، وفى الحديث الذى رواه أبو داود والترمذى من حديث المقدام بن معديكرب أنه –صلى الله عليه وآله وسلم- قال : (( ألا إنى آوتيت الكتاب ومثله معه )) ومثله معه يعنى السنة .. ألا إنى آوتيت الكتاب ومثله معه.. يعنى السنة، فالسنة وحى، والله تعالى يقول : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) والحكمة هى السنة، وقال الله عز وجل لنساء النبى : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ) والحكمة هى السنة .
إذاً أيها الأفاضل، الله جل وعلا أطلع النبى على أمارات الساعة وأخبر النبى أصحابه عن علاماتها، حفظ من حفظ ونسى من نسى، ففى الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان –رضى الله عنه- قال : (( لقد خطبنا النبى –صلى الله عليه وسلم- خطبة ماترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره علمه من علمه وجهله من جهله )) .. ياالله .. ياالله .. لقد خطبنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خطبة ماترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره علمه من علمه وجهله من جهله ، وتذكرون الرواية الجميلة التى رواها مسلم من حديث أبى زيد عمرو بن أخطب الأنصارى –رضى الله عنه- قال : (( صلى بنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الفجر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر )) أطول خطبة قام النبى يوماً كاملاً يتكلم يُبين عن الله تبارك وتعالى.. قال: (( ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا )) فأعلمنا أحفظنا .. الكلام واضح .. وهذا لا يتنافى مع قول ربنا تبارك وتعالى: ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) فوقت القيام لا يعلمه إلا الرحيم الرحمن، أما الأمارات والعلامات وما يحدث بين يدى الساعة من أحداث فقد أطلع الله نبينا على كل ذلك، قال جل وعلا: ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً{26} إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) صلى الله وسلم وبارك على رسولنا .. إلا من ارتضى من رسول .
طيب .. ما هذه الأمارات والعلامات والأشراط ؟؟
العلامات أيها الأفاضل تنقسم إلى قسمين أو الأمارات أو الأشراط أو العلامات قسمان :
_ علامات صغرى و _ علامات كبرى .
أما العلامات الكبرى فقد ذكر النبى –صلى الله عليه وسلم- عشر علامات .. ذكر النبى فى العلامات الكبرى عشر علامات، فى صحيح مسلم من حديث حذيفة بن أسيد الغفارى –رضى الله عنه- قال: (( إطلع النبى –صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر )) يعنى ونحن نتناقش ونتحدث (( فقال –عليه الصلاة والسلام- : ما تذاكرون ؟؟ )) فى أى شىء تتكلمون وتتناقشون (( قالوا: نذكر الساعة يارسول الله أو نتذاكرالساعة يارسول الله فقال –صلى الله عليه وسلم-: إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات، فذكر الدخان )) عد معايا كده (( فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن أو من قعر عدن تطرد الناس إلى محشرهم ))، هذه هى العلامات الكبرى وسأقف معها بالتفصيل لكن؛ نتعالوا قبل أن نتحدث عن العلامات الكبرى لنتحدث عن العلامات الصغرى .
ومن العلامات الصغرى أيها الأحبة ما قد يظهر مع العلامات الكبرى فى آن، ومن العلامات الصغرى ما قد يظهر بعد العلامات الكبرى .
هذا التأصيل فى غاية الأهمية لأن الأمر قد التبس على بعض أحبابنا وأخواننا من أهل العلم .. أقول: من العلامات الصغرى ما قد يظهر مصاحباً لبعض العلامات الكبرى، فظهور المهدى .. وسأتحدث عنه بالتفصيل وسأذكر الأدلة الدامغة .. لأن البعض قد أنكر أيضاً المهدى، خروج المهدى وظهوره يكون فى زمن عيسى بن مريم فعيسى بن مريم سينزل من السماء وقد وصف النبى الثوب الذى يلبسه حين ينزل ووصف النبى كيفية نزوله بدقة بالغة وهذا فى حينه إن شاء الله . ينزل عيسى بن مريم ليصلى مأموماً خلف إمام المسلمين المهدى وإذا وُجد عيسى بن مريم فالدجال موجود، بل سينطلق عيسى مع المهدى لقتل الدجال كما سأبين بالتفصيل إن شاء الكبير المتعال .
فمن العلامات الصغرى ماقد يظهر مع بعض العلامات الكبرى ومن العلامات الصغرى ماقد يظهر بعد العلامات الكبرى التى ذكرتها الآن آنفاً فى حديث حذيفة بن أسيد الغفارى .. يعنى فيه علامات صغرى هتظهر بعد إنتهاء العلامات الكبرى؟؟
نعم ..
زى إيه؟؟
كالريح ..
إيه الريح دى؟؟
مانا هقولك بالتفصيل إن شاء الله . لكن، الريح الباردة الطيبة التى تقبض أرواح المؤمنين على وجه الأرض حتى لا يبقى فى الأرض من يقول الله.. الله.. الله ولا يبقى فى الأرض إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة وفى هذا الزمن تُهدم الكعبة.. ياربى.. ماذا تقول يارجل؟!
أقول: تُهدم الكعبة..
ستُهدم الكعبة؟!
نعم،
لكن فى هذا الزمان فى هذا الزمن الذى تقوم فيه الساعة على شرار الخلق، يهدم الكعبة حجراً حجراً رجلاً وصفه رسول الله وصفاً دقيقاً ..
طب قولنا !،
لا مش دلوقتى، ده فى الآخر هقول، مش دلوقتى،
وحديث هدم الكعبة رواه البخارى ومسلم، رواه البخارى فى كتاب الحج بل وترجم له الإمام البخارى باباً بعنوان باب هدم الكعبة، ورواه الإمام مسلم فى كتاب الفتن وأشراط الساعة..
طب قولنا أى حاجة دلوقتى !!،
لا معلش مش دلوقتى، مش هنتكلم عن هدم الكعبة دلوقتى ..
أسأل الله عز وجل ألا يحرم المسلمين والموحدين منها إنه ولى ذلك والقادر عليه، لأن أرواح المؤمنين ستُقبض بإذن الله تعالى جميعاً قبل هدم الكعبة زادها الله تشريفاً وتكريماً .
فمن العلامات ماقد يظهر مصاحباً لبعض العلامات الكبرى ومن العلامات ماقد يظهر بعد العلامات الكبرى حتى لا يحدث أى لبس عند بعض أحبابنا وإخواننا .
فلنشرع فى العلامات الصغرى :
وأول علامة من علامات الساعة الصغرى :
بعثة النبى –صلى الله عليه وسلم- أول ماظهر النبى –عليه الصلاة والسلام- فهذه أول علامة من علامات الساعة.. ليه؟؟ لأنه –صلى الله عليه وآله وسلم- قال كما فى الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدى ومن حديث أنس بن مالك واللفظ الذى أذكره الآن هو لفظ الإمام مسلم من حديث أنس، قال –صلى الله عليه وسلم- : (( بُعثت أنا والساعة كهاتين وضم النبى السبابة والوسطى )) بُعثت أنا والساعة كهاتين وضم النبى –صلى الله عليه وسلم- السبابة والوسطى.. ليه؟؟
لأن مفيش بينهما أصبع ثالث أو لأن السبابة تلى الوسطى أو لأن الوسطى تلى السبابة بلا تفرقة، كذلك النبى –صلى الله عليه وسلم- والساعة مع بعضهما البعض بُعث فى نسم الساعة، ليس بعده نبى، فمجرد ظهور النبى –عليه الصلاة والسلام- علامة على قرب الساعة، ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً{6} وَنَرَاهُ قَرِيباً{7})، وأعمار الأمم تختلف عن أعمار الأفراد حتى لا يلتبس الأمر عليك، أعمار الأمم تختلف عن أعمار الأفراد، فمبعث النبى –عليه الصلاة والسلام- أول علامات القيامة أول علامات الساعة لأنه ليس بعد الرسول –صلى الله عليه وسلم- نبى فهو خاتم الأنبياء وبعده مباشرةً تأتى القيامة، قال الله عز وجل: ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما ً) فهو بلا شك خاتم الأنبياء لا نبى بعده ولا رسول بعده بل تأتى بعده مباشرةً الساعة والقيامة، قال –عليه الصلاة والسلام- كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة –رضى الله عنه- : (( فُضلت على الأنبياء بست، أُوتيت جوامع الكلم ونُصرت بالرعب )) وفى لفظ البخارى (( نُصرت بالرعب مسيرة شهر ))(( أُحلت لى الغنائم وجعلت لى الأرض طهوراً ومسجداً وأُرسلت إلى الخلق كافة )) والشاهد من الحديث (( وخُتم بى النبيين )) فمهما أدعى المُدعون والكذابون فلا نبى بعد المصطفى ولا رسول بعد المصطفى، وخُتم بى النبيون، فرسول الله –صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء وخاتم المرسلين ومجرد بعثته ومجرد ظهوره أول علامة من علامات الساعة كما قال –عليه الصلاة والسلام- (( بُعثت أنا والساعة كهاتين وضم السبابة والوسطى )) .
العلامة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة فى حديثٍ واحد رواه الإمام البخارى وغيره من حديث عوف بن مالك وقد ذكرته كنموذجٍ من نماذج علامات الساعة فى حلقة المقدمة، الحديث رواه البخارى من حديث عوف بن مالك أن الحبيب النبى –صلى الله عليه وسلم- قال: (( أُعدد ستاً بين يدى الساعة )) عد معايا (( أُعدد ستاً بين يدى الساعة، موتى )) أى موت النبى –صلى الله عليه وسلم- (( موتى ثم قتح بيت المقدس ثم مُوتان يأخذ فيكم كقُعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً ثم تكون فتنة لا تترك بيتاً فى العرب إلا دخلته ثم تكون هدنة بينكم وبين بنى الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غايةٍ إثنى عشر ألفاً ))، قف مع العلامات التى وقعت من هذا الحديث، موته –صلى الله عليه وسلم- مات الحبيب وكان موته من أعظم المصائب التى وقعت بالأمة حتى قال أنس –رضوان الله عليه- والحديث فى سنن الترمذى بسندٍ صحيح: لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة أضاء منها كل شىء فلما كان اليوم الذى مات فيه رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- أظلم منها كل شىء .. رضى الله عن أنس، عن هذا الحبيب المحب.. ولما لا، وبموته –عليه الصلاة والسلام- انقطع الوحى من السماء ويالها من كرامة لا يستوعبها كثيرٌ من الخلق، ففى صحيح مسلم، لما مات النبى –عليه الصلاة والسلام- انطلق أبو بكرٍ الصديق وعمر بن الخطاب –رضى الله عنهما- ليزورا أم أيمن حاضنة رسول الله –عليه الصلاة والسلام- فدخلا عليها فوجداها تبكى فقالا لها: يا أم أيمن ماعند الله خيرٌ لرسوله، .إن ما عند الله خيرٌ لرسوله أو ماعند الله خيرٌ لرسوله أى مما أعطاه فى الدنيا، لا تبكى فقالت أم أيمن: أعلم أن ما عند الله خيرٌ لرسوله ولكننى أبكى لأن الوحى قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها لأن الوحى قد انقطع من السماء، صحيح رسول الله –صلى الله عليه وسلم- معنا، معنا بسنته، معنا بشريعته، معنا بهديه، معنا بأخلاقه، بل يحيى فى قبره الآن حياة برزخية لا يعلم حقيقتها ملكٌ مقرب ولا نبى مرسل، ففى الحديث الذى رواه أبو داود والترمذى بسندٍ حسن من حديث أوس بن أوس أنه –صلى الله عليه وسلم- قال: (( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا من الصلاة على فيه فإن صلاتكم معروضة على، قالوا: كيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أرمت )) أى وقد أكلت الأرض جسدك يارسول الله (( قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء )) فما ظنكم بجسد أطهر الأنبياء وسيد الأنبياء وإمام الأتقياء الأصفياء حبيب رب الأرض والسماء –صلى الله عليه وآله وسلم- .
نعم أيها الأحبة، موت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من أعظم المصائب التى وقعت بهذه الأمة بل أنا أدين الله بأنها أعظم مصيبة، بأن موته أعظم مصيبة وقعت بالأمة بأبى هو وأمى وروحى، لكن شاء ربنا وقدر ألا يُخلد أحد فى الأرض ولو كان المصطفى ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )، وقال ربنا جل وتعالى: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) ..
فموت رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- علامة من علامات الساعة ..أُعدد ستاً بين يدى الساعة وذكر –عليه الصلاة والسلام- موته بأبى هو وامى وروحى . ثم فتح بيت المقدس وقد فُتح بيت المقدس بعد موت رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بسنوات قليلة فقد توفى النبى –عليه الصلاة والسلام- فى العام الحادى عشر للهجرة وفتح الله بيت المقدس فى عهد عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- على يد أبى عبيدة بن الجراح –رضى الله عنه- فى العام السادس عشر للهجرة، فُتح بيت المقدس وقعت أيضاً هذه العلامة. وعاد أو وجاء عمر بن الخطاب من المدينة النبوية المطهرة إلى فلسطين ليتسلم بيده مفاتيح بيت المقدس وأعطى أهلها أماناً على أنفسهم وأموالهم بل وكنائسهم –رضى الله عنه وأرضاه- .
ثم مُوتان، مُوتان بضم الميم، وباء طاعون وهو طاعون عمواس، وعمواس مدينة فى فلسطين على بعد ستة أميال تقريباً من الطريق إلى بيت المقدس من مكان يقال له الرملة، عمواس طاعون انتشر وقُتل فيه خمسة وعشرون ألفاً من المسلمين وعلى رأسهم أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل -رضى الله عنهما وعن جميع أصحاب رسول الله-
(( ثم مُوتان طاعون يأخذ فيكم كقُعاص الغنم )) أى ينتشر فيكم كما ينتشر الوباء فى الماشية أو فى الأغنام وقد قُتل فيه خلقٌ كثيرٌ كما ذكرت ووقعت هذه العلامة أيضاً كما قال علمائنا .
ثم استفاضة المال، يكثر المال، فى لفظ البخارى (( لا تقوم الساعة حتى بكثر المال )) وفى رواية مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى (( ليأتين على الناس زمان يخرج فيه الرجل بصدقة من ذهب فلا يجد من يقبلها منه )) وفى صحيح البخارى من حديث عدى بن حاتم –رضى الله عنه- (( قال بينما أنا عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل يشكو إليه الفاقة )) الفاقة يعنى الفقر (( وجاءه آحر يشكو إليه قطع الطريق فقال النبى –عليه الصلاة والسلام- لعدى بن حاتم –رضى الله عنه- : يا عدى هل رأيت الحيرة؟؟ هل رأيت الحيرة؟؟ قلت: لا يارسول الله، ولكنى أُنبئت عنها فقال –عليه الصلاة والسلام- : لإن طالت بك )) يا عدى (( لإن طالت بك حياة لترين الظعينة )) والظعينة هى المرأة التى تركب فى هودجها (( لترين الظعينة تخرج من الحيرة لتطوف بالبيت لا تخاف أحداً إلا الله، يقول عدى فقلت فى نفسى: فأين دعار طىء الذين سعروا البلاد )) أى أين قطاع الطرق الذين سعروا البلاد وقطعوا على الناس سُبُلهم (( يقول عدى: وقال لى رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولئن طالت بك حياة لتتتفتحن كنوز كسرى، قلت: كسرى بن هرمز!!، قال الصادق: كسرى بن هرمز، يقول عدى: والله لقد رأيت الظعينة ترتحل من الحيرة لتطوف بالبيت لا تخاف أحداً إلا الله وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز )) ياالله .. وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز (( قال ولئن طالت بكم حياة لترون ماقال الصادق أبو القاسم –صلى الله عليه وسلم- ليخرجن الرجل بملء كفه من ذهب أو فضة لا يجد احداً يقبله منه )) هل وقع هذا؟؟
نعم..
فى أى عصر؟؟
فى أى زمن؟؟
فى زمن عمر بن عبد العزيز كما يقول كثير من المحققين من أهل العلم حتى كان الرجل فى عهد عمر يخرج بالصدقة فلا يجد أحداً يقبل الصدقة منه لأن الله جل وعلا قد أغناهم من فضله ورزقهم إماما عادلاً أرسل مناديه لينادى فى البلدان والأمصار من كان عليه دين فسداد دينه من بيت مال المسلمين فسدد عمر بن عبد العزيز ديون المدينين، من أراد الزواج ولم يجد النفقة فزواجه من بيت مال المسلمين فزوج الشباب، من أرد الحج ولم يجد النفقة فنفقة حجه من بيت مال المسلمين . فكان الرجل يخرج بالصدقة يبحث عن فقير فلا يجد، أغناهم الله من فضله بالبركة التى بركت فى بيت مال المسلمين بفضله جل وعلا ثم بفضل عدل هذا الإمام التقى الأمين من طراز عمر فهذا الشبل من ذاك الأسد.. أستغفر الله.. بل هذا الأسد من ذاك الأسد، وقال أيضاً بعض أهل العلم وسيقع هذا فى أخر الزمان فى زمن عيسى –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- حين تنزل البركة مرة آخرى إلى الأرض.. لأن البركة الآن قد نُزعت من الأوقات كما سنرى، من الأطعمة، من الأشربة، من الأعمار، من الصحة والعافية، من الثمار نُزعت البركة وستعود البركة إلى الأرض مرة آخرى بإذن الله جل وعلا وهذا فى عهد عيسى بن مريم كما سأبين بالتفصيل إن شاء الله . حتى يخرج الرجل فى هذا الزمن بالصدقة فلا يجد أحداً يقبل منه الصدقة لعلم الناس بقرب قيام الساعة ولعلمهم بأنهم ليسوا فى حاجة إلى مثل هذا المال.
أيضاً قال –عليه الصلاة والسلام- (( ثم تكون فتنة لا تترك بيتاً فى العرب إلا دخلته )) الله أعلم بمراد رسوله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يهذه الفتنة وما أكثر الفتن.. وما أكثر الفتن، لكن ليس من العقل ولا من الإنصاف أن يجزم عاقل فضلٌ عن رجل يتكلم بالدليل من كتاب الله ومن سنة رسول الله بأن هذه الفتنة هى كذا، هى وسائل الإعلام مثلاً بصورها المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة.. أقول: لا يستطيع عاقل أن يجزم بهذا أو أن يُسقط حديث رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- على شىء بعينه وإنما الله أعلم بمراد نبيه –عليه الصلاة والسلام- .
لكن، خذوا العلامة السادسة فى هذا الحديث (( قال: ثم تكون هدنة بينكم وبين بنى الأصفر )) وبنو الأصفر كما ذكرت هم الروم والروم بلغة العصر الذى نحياه هم أهل اوروبا وأمريكا، (( قال ثم تكون بينكم وبين بنى الأصفر هدنة فيغدرون )) فيغدر بنو الأصفر أو فيغدر الروم (( فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية )) والغاية هى الراية التى تُرفع للجيش وسُميت الراية بالغاية لأن الراية غاية الجيش فإن سقطت الراية سقطت الغاية (( فيأتونكم تحت ثمانين غاية )) أى تحت ثمانين راية (( تحت كل غاية إثنى عشر ألفاً )) وقد ذكرت رواية آخرى رواها أبو داود وبن ماجة وبن حبان بسندٍ صحيح وغيرهم أن النبى –صلى الله عليه وسلم- قال: (( ستُصالحون الروم صلحاً آمنا )) وأظن أننا الآن نشهد مرحلة الهدنة، يعنى وقع شطر من هذه العلامة.. أتصور أننا نرى هدنة بين أوروبا وأمريكا وبين جل دول وبلاد المسلمين (( ثم تكون هدنة بينكم وبين بنى الأصفر ))، أما فى الرواية الآخرى (( ستُصالحون الروم صلحاً آمناً ثم تغزون انتم وهم عدواً من وراءهم فتَسلمون وتغنمون ثم تنزلون بمرج ذى تلول )) أى بمكان تكثر فيه المياه ويكثر فيه الخضرة (( ثم تنزلون بمرج ذى تلول فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول إنتصر الصليب فيقوم إليه رجلٌ من المسلمين فيقتله )) يقول –صلى الله عليه وسلم-: (( فعندئذٍ تكون الملاحم فيغدر الروم فيأتكونكم تحت ثمانين غاية مع كل غاية إثنى عشر ألفاً )) هذا حديث واحد من أحاديث رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- تكلم فيه عن ست علامات من العلامات التى ستقع بين يدى الساعة .
أما العلامة الثامنة، تحدثت عن مبعثه الشريف ثم تحدثت عن هذه العلامات، أما العلامة الثامنة فهى ظهور الفتن.. أسأل الله عز وجل أن يعصمنى وإياكم من الفتن.
ظهور الفتن والفتن جمع فتنة والفتنة هى الإبتلاء والإختبار والإمتحان، قال الله عز وجل: ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) وقال الله عز وجل : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ).. إنما أموالكم وأولادكم فتنة.. فالفتنة هنا بمعنى الإبتلاء، بمعنى الإختبار، بمعنى الإمتحان، فظهور الفتن وكثرة الفتن من علامات الساعة وأظن أننا نرى الآن فتناً.. أسأل الله جل وعلا أن ينجينا وإياكم منها بمنه ورحمته وكرمه إنه ولى ذلك والقادر عليه . وصف النبى –عليه الصلاة والسلام- هذه الفتن وصفاً دقيقاً.. تدبر معى لتقف مع هذه الكلمات النبوية، ففى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة –رضى الله عنه- أن النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- قال: (( بادروا بالأعمال فتنا )) بادروا سابقوا بالإعمال الصالحة الفتن قبل أن تقع بأحدكم (( بادروا بالأعمال فتناً )) اسمع الوصف النبوى (( كقطع الليل المظلم )) كقطع الليل المظلم.. إنت متصور الوصف للفتنة (( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمناً ويُمسى كافراً ويُمسى مؤمناً ويُصبح كافراً )) ليه؟؟
لماذا؟؟
يكفر فى يوم واحد أو فى ليلة واحدة .. ليه ؟؟
قال –عليه الصلاة والسلام- (( يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا )) يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا .. لأ لأ .. تانى الرواية .. تانى .. تانى ده واقع أليم.. واقع مر (( بادروا )) سابقوا بأعمالكم الصالحة الفتن قبل أن تحل بكم وقبل أن تنزل وتقع (( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمناً )) معاك فى صلاة الفجر.. فى بيت من بيوت الله تبارك وتعالى تبحث عنه فى صلاة المغرب أو فى صلاة العشاء غير موجود، طب اليوم التانى غير موجود، اللى بعده غير موجود ..أين ذهب ؟؟ كفر.. كفر!!.. إرتد، خرج عن الدين.. ليه؟؟
باع الدين..
بماذا؟؟..
بعرضٍ من الدنيا.. حقير.. ربما يدخل فى المساء (( يُمسى مؤمناً ويُصبح كافراً )) صلى معك العشاء.. إبحث عنه فى صلاة الفجر.. غير موجود، الظهر.. غير موجود، العصر .. غير موجود..بعدذلك .. أين ذهب؟؟ دخل إلى غرفة من غرف الشات أو غرف الدردشة أو جلس فى مجلس ولم يخرج منه.. ولم يخرج منه ولا حول ولا قوة إلا بالله . باع دينه .. سلم سلم يارب . باع دينه بعرضٍ من الدنيا، بكرسى زائل، بشهوة فانية، بلذة فانية، بمنصب حقيرٍ تافه.. مستعد أن يبيع الدين من أجل كرسى، من أجل منصب، من أجل مال، من أجل شهوة، من أجل شمة هيروين، يبيع دينه ولا حول ولا قوة إلا بالله ... من أجل شهوة فانية ولذة محرمة مع امرأة حسناء ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا يخرج من هذا المستنقع بعد ذلك ..
(( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمناً ويُمسى مؤمناً ويُصبح كافراً يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا )) بلعاعة، بشىء تافه حقير إلى زوال .. أظن ده واقع خطير وقع فيه كثير من الخلق على مستوى البشرية كلها، يبيع الدين بدنيا، بعرضٍ حقير من أعراض هذه الدنيا، قد يفرط فى صلاته، قد يفرط فى حجاب امرأته من أجل كرسى أو من أجل منصب، قد يأكل الربا والحرام ويأكل أموال الناس بالباطل من أجل شهوة رخيصة، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا.
وفى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر –رضى الله عنه- أن النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- قال:
ماذا قال؟؟
نتعرف على قوله الكريم فى الحلقة القادمة إن شاء الله رب العالمين .
أسأل الله جل وعلا بإسمه الأعظم الذى إن سُئل به أعطى والذى إن دُعى به أجاب أن ينجينى وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
منقول للفائدة